جراحات عربية

صفحات بيضاء و سوداء من حياة ملونة

في احدى تلك المحاولات الفاشلة لفصل العقل عن القلب في معالجة الأمور و التعامل مع المعطيات المطروحة على الساحة الاسرائيلية الفلسطينية (ان صح التعبير ) أو بالأحرى الحماسية (لوجه الدقة)
-قد يستغرب البعض و يستنكر الحديث بهذا المستوى من الفتور عن الأزمات أو الكوارث أو النكسات أو النكبات أو الانتصارات أو النسبيات التي تجري في غزة و الى من هنالك من هذه المصطلحات التي تزخر بها معاجمنا العربية و لا أقصد اللغوية منها و انما السياسية و لكنني بعد لم أجد كلمة واحدة لتكون أهلا للوصف الدقيق أو الوصف الذي يكون أقرب للواقع للحالة الانسانية هنالك
لذلك سأتغاضى عن الوصف كي لا أشعر بضعفي و عجزي و التقصير في أداء المهمة -
ما هي تلك المحاولات الفاشلة ؟؟؟؟
هي تلك الزاوية التي أحاول الوقوف فيها و أحاول من خلالها رؤية النزاعات بعين جديدة و تفسير النتائج بعقل جديد بعيدا عن كافة أنواع و أشكال العواطف الانسانية من جهة و القومية من جهة أخرى التي قد تكون مخدرا في بعض الأحيان لمركز التحليل و التفسير المنطقي في العقل البشري
هذه المشكلة التي طالما عانيت منها أنا و غيري من الانفعالين (القومين أو الانسانين أو الاقليمين و حتى المتطرفين........... )في محاكمة الأمور و ادراك صوابها فتدفعنا حميتنا التي يصعب السيطرة عليها أحيانا الى التنبؤ بأمور قد لا تكون منطقية أبدا و لا تتصل للوقائع الميدانية و السياسية بأي صلة و قد لا يتوقف الأمر على مجرد التنبؤ و حسب بل يتعداه أيضا الى بناء مجموعة من الامال و الاحلام التي سوف تؤدي في نهاية الأمر الى الاحباط
.
.
و لكن...... و أنا في خضم تأملاتي و تفكيري الصامت في تلك القضية التي كاد غاندي و الدرويش
(مضربا المثل بالتشبث بالأمل في قناعاتي)
يصرخان معا "مات الأمل بك يا فلسطين"
تلك القضية التي حفر من تحتها و من فوقها و التي شهدت انتفاضات و استكانات ..مجازر و استشهادات ..انتحارين و انتحاريات ..مستوطنين و مستوطنات ..ترهيبا و ارتهابات ..تعظيما و تصغيرات .. انقساما و تحالفات ..
التي جمعت خلال قرابة 60 عاما مواقفا و تطورات عديدة عجزت معظم قصص تاريخ الحروب و الصراعات الانسانية في مجملها
عن جمعها
-لا أدري لماذا كلما أردت البدء بالحديث عن الفكرة الأساسية التي تجول في خاطري تجرفني فكرة أخرى و تجبرني على ذكرها لعله لكثرة التعقيد و التداخلات التي أحاكتها هذه القضية من حولها-
في تلك اللحظة التي اقترب فيها عقلي من تحقيق النصر على عاطفتي و اقترب من اقناعي بعدم الجدوى من التفكير في القضية -و التي لا أحب أن اسميها غير بهذه الكلمة دون اقترانها بكلمة أخرى لا عربية و فلسطينية و لا أي كلمة أخرى فقط القضية -
في تلك اللحظة سألته "أما من أمل بالتحرير"
قال لي انظر من حولك ماذا ترى... ألا ترى ترسانة قادرة على تدمير نصف مساحة وطنك العربي بنصف ساعة دون زيادة دقيقة واحدة
.
لم أجب
عاد و سأل ألا ترى بأن القطب الأوحد في العالم حاليا يقف الى جانب تلك الترسانة و يدعمها و هو في انتظار اشارة من احدى سيداتها
.
لم أجب
ألا ترى أن تلك الصواريخ التي تسقط من قبل من تسميها المقاومة على تلك الترسانة تحتاج أن يصيب الصاروخ الهدف اصابة مباشرة و في الرأس حتى يكون فعالا
.
لم أجب بل و لجمت عاطفتي عن القول أن تلك الصواريخ تصيبهم بالهلع ...كي لا أتعرض للسخرية
...و لكن في تلك اللحظة التي أحسست فيها بالانكسار
و حين كانت عيناي موجهة باتجاه شاشة التلفاز التي تعرض صور العدوان و الأطفال و الشباب و النساء و الرجال و الشيوخ و الفتيات و الأمهات
صور الخاسرين لمقربيهم في معركة بحر الدماء
صدح صوت بسؤال اخر
من هؤلاء الذين تراهم أمامك الان
صرخت : هؤلاء هم
ابن الشهيد و أخو الشهيد
أبو الشهيد و عم الشهيد
حفيد الشهيد و جد الشهيد
أخت الشهيد و حبيبة الشهيد
صديق الشهيد و جار الشهيد
حفيدة الشهيد و أم الشهيد

و لم أستطع أن أكمل
قال "و ماذا تتوقع من هؤلاء ..هل تتوقع أن ينسوا هل تريد لليتيم أن ينسى من قتل أباه أوهل تريد من الأخ أن ينسى من قتل أخاه أو هل تريد من الأم أن تنسى من أطفا شمعة ابنها أو هل أو هل أو هل أو هل أو هل .........
صرخت : كفا
عاد الأمل
الأمل يكون بهذا :
البائس لا ينسى سبب بؤسه و اليتيم لا ينسى سبب حزنه و الجائع لا ينسى سبب جوعه و الثكلى لا تنسى بكرها و الأخ لا ينسى أخاه
و الحبيبة لا تنسى حبها الأول و الصديق لا ينسى رفيق دربه

و فلسطين لا تنسى أولادها
.
.
.
وللأسف
للحديث بقية
15 يناير، 2009

لم تكن قطع القماش الرثة كافية لتغطي كامل جسده العاري رغم محاولتها العديدة لفعل ذلك .
في تلك الزاوية الصغيرة استطاع أن يجمع جسده أو ما تبقى من جسده في كتلة كروية واحدة لعل حرارة كل قسم تبعث الدفء في القسم الاخر و اضعا ذراعيه فوق ركبتيه المثنيتين مدليا رأسه عليهما في محاولة ليسرق بضع لحظات من النوم و الأحلام و ما أدراه ما الأحلام فهل يمكن له أن يحلم و أيسمح لمثل هؤلاء المسحقوين بأقدام الدهر أن يفرحوا أو أن يجدوا ما يشغلهم عن بؤسهم حتى في الأحلام
لم يجد صديقنا الا أحد الزوايا في الشارع ذاته الذي شيد فيه أعظم فنادق دمشق فترى صورة ارتسم فيها رمز من رموز المال و رمز من رموز شقاء الحال .
لمحت تلك الزاوية التي تحضنه كل يوم و التي اعتادت ان تكون أمه في كافة الأوقات و كعادتي الغبية نظرت الى ساعتي فاذا بها قد تجاوزت الثانية عشرة بعد منتصف الليل فمددت يدي الى جيبتي لأخرج بعض القطع المعدنية و أعطيه اياها كمساعدة قد تساعده في جمع ما ينقصه من المبلغ الذي وجب عليه جمعه ليتمكن من العودة الى بيته .
اقتربت منه و وضعت تلك القطع على ذلك الصديق الأزلي و الذي لا يمكن للصورة أن تكتمل بغيابه ميزانه الأبيض الباهت و الذي لو وضع لوحده في صورة لجعلها تقطر حزنا
رفع رأسه بمعاناة و كأن رأسه قد اعتاد على مكانه السابق و كأنه ينظر الى الشيطان الذي يسكن الأرض بعد أن يأس من استجداء رب السموات فنظرت اليه و حاولت رسم ابتسامة على وجهي و كأنها أشبه بتحية فألقى بنظره على النقود ثم علي و ابتسم ابتسامة أحد حروفها كلمة شكرا و لكن باقي الحروف تحمل الكثير من المعاني و التي عجزت عن فهم معظمها و لكن أحدها كان يهزأ بهذه الكمية القليلة من النقود و بقدرتها على حل احدى مشكلاته و أعاد رأسه الى مكانه المعتاد و كأن شيء لم يكن .
أردت متابعة طريقي الى منزلي و لكن شيئا ما منعني علله الاحساس الذي تولد في نفسي بالتقصير فاقتربت منه أكثر هذه المرة و سألته ما بك يا صديقي أرى بأن هذه النقود لم تكن كفيلة باسعادك و لو قليلا
قال : و ماذا عساي أفعل بهذه النقود ...علها تكون اليوم قادرة على اطعام امي و اخوتي الصغار الذين ينتظرون الطعام في المنزل و لكن ماذا عساي أفعل غدا و بعد غد و الذي يليه هل نقودك قادرة أن تشتري الطعام كل يوم ؟
قلت له : اليوم تحصل على النقود مني و غدا من غيري و بعد غد من اخر ما دمت تعمل على ميزانك
ابتسم ابتسامة هازأة و قال : أتعلم أنني أصبحت أكره المطر غدا تمطر الدنيا و يعود الناس الى سيارتهم التي يركنوها هنا مشيرا باصبعته الى بوابة الكراج الخاصة بالفندق و التي يدفعون المال من أجل ابقائها هنا في الأسفل حيث لا برد و لا مطر ولا شمس في بعض الأيام أحسد هذه السيارات أتمنى أن أكون اطارا من اطاراتها
و بالطبع لن تتوقف تلك السيارات من أجل شخص فقير مثلي يستجدي النقود فأعود الى بيتي خال الوفاض و أنام على تأوهات اخوتي الصغار و امالي بتوقف المطر في اليوم التالي
وجدت نفسي عاجزا عن الحديث اليه و تساءلت أيجب عليي أن أحدثه عن أن عظماء التاريخ كانوا من الفقراء و من أبناء الطبقات المسحوقة أم يجب عليي أن أقدم له مجموعة من الجمل و التشدقات التشجيعية فأعرض نفسي للهزأ منه أولا ومن عقلي ثانيا أم أكفر بكل ما حولي من بشر و الهة و عقول و نقود
أدرت ظهري بسرعة مخفيا و خوفا من تلك الدمعة التي قررت أن تفتح الباب و تخرج لأجل ذلك الطفل
عندها علمت ماذا يجب أن أفعل
عليي أن أكفر بنفسي لأن رجولتي الحمقاء منعت تلك الدمعة من أن تذرف لأجل طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره و لكن الدهر يقتات من لحمه و يرتوي من دمه .

ما هو الاكتئاب و متى ظهر أول مرة ؟؟
هو اضطراب في وظائف الدماغ و خاصة المزاج , الارادة و التفكير و يقود الى تغير في نفسية و سلوك المريض و يعد الاكتئاب من أقدم الأمراض النفسية _العصبية و قد أسماه أبقراط قبل ألفين و أربعمائة عام بالمالنخوليا (أي السوداوية ) و عزاه لتغلب السائل الأسود في الجسم على السؤال الأخرى ( الأصفر_الأحمر و النخامي ) أما ابن سينا فقد دعاه مرض العشق لأن معظم الحالات التي قابلها كان سببها فشل عاطفي و اليوم يعتبر الاكتئاب من المشاكل الصحية الرئيسية و ان دراسات منظمة الصحة العالمية تقدر انه في عام 2020 سيكون الاكتئاب ثاني أكبر مسبب للاعاقة بعد الأمراض القلبية_الوعائية و الدماغية .
ما هي أسباب الاكتئاب ؟؟
انها عديدة و متنوعة فبعض الأبحاث تعطي أهمية كبيرة للصدمة النفسية و بعضها يؤكد على الاستعداد الوراثي و البيولوجي كما أن هناك أهمية قصوى للعوامل البيئية كفقدان الأبوين أو أحدهما و خاصة الأم كما أن علاقة الأهل بالأولاد سواء كانت اهمالا أو زيادة اهتمام تشكل نقطة انطلاق لحدوث الاكتئاب عند الأولادأما النظرية النفسية فتؤكد أن أسلوب التفكير هو الذي يقود للاكتئاب ( أي أن هناك سوء تعامل مع الحدث الخارجي ) أما النظرية الكيماوية فتؤكد و بشكل شبه أكيد على قلة النواقل العصبية في المشابك الدماغية مثل السيروتونين النورادرينالين الدوبامين و الدليل على ذلك تحسن غالب المرضى على الأدوية التي ترفع سوية هذه النواقل
ما الفرق بين الاكتئاب و الحزن ؟؟؟
الحزن ارتكاس طبيعي لصدمة نفسية ما (فقدان عزيز – رسوب بالامتحان – فشل عاطفي) و المشاعر الحزينة هنا تخف و تتلاشى خلال ساعات أسابيع أو بضعة أشهر و هي لا تعطل حياة الانسان و بفضل نعمة النسيان فانه يتجاوزها أما الاكتئاب فقد يبدأ حزنا ثم يتطور اكتائبا و قد نصادفه دون أن يسبق بصدمة أو بحزن و الحالت الشديدة منه تعطل حياة الانسان بالكامل و قد تدفعه للانتحار
ما هي نسبة الاصابة بالاكتئاب ؟؟؟؟
'ان نسبة الاصابة تتراوح بين 13_20% _7% منهم تكون اصابتهم شديدة يصيب كل الأعمار و لكنه أكثر مصادفة في العقدين الثالث و الرابعاصابة النساء ثلاثة أضعاف اصابة الرجال لأن المرأة تتعرض للكثير من الضغوط الاجتماعية و الأسرية بالاضافة للتغيرات الهرمونية التي تحدث عندها أثناء الحمل و الولادة و قبل الدورة الطمثية كما ان مانعات الحمل تؤدي الى القلق و التوتر و الاكتئاب و جدير بالذكر أن 50% من الولودات يصبن بأعراض اكتئاب عابرة بين اليوم الثالث و الخامس و تكفي طمئنة هذه الولود و تهيئتها لمثل هذه الاصابة التي تشفى بدون علاجأما خلال الأسابيع الست الأولى للولادة فان 10% من النساء يصبن باكتئاب النفاس و الذي قد يتطور الى الاكتئاب الذهاني و يتطلب علاجا مكثفا لعدة أشهر أو حتى الشفاء لا بد من الاشارة ان نسبة الاصابة بالاكتئاب ترتفع في الأوساط الأسرية المفككة و عند الأرامل و المطلقين و من يعانون من أمراض مزمنة و خطيرة و مدمني المخدرات و الكحولما هي أعراض الاكتئاب و ما تأثيره على الفعالية الاجتماعية للمريضانها متنوعة بشكلها و شدتها فقد تكون الهجمة خفيفة أو متوسطة الشدة أو شديدة و بالرغم من وجود خصوصية للجنس و لكل مرحلة عمرية فان للاكتئاب أعراض عامة و مشتركة و هي هبوط المزاج و تكدره حيث أن المريض يشعر باليأس و الاحباط و الخوف غير المبرر و يفقد القدرة على الاستمتاع بالحياة و القيام بالأعمال اليومية المألوفة فيكون عبوسا لا يضحك و لا يبتسم مقطب الحاجبين يبكي في بعض الأحيان و أحيانا لا يستطيع يلقي باللائمة على نفسه و كل شيء عبء ثقيل عليه حتى زيارة أهله و دور العبادة و المطالعة ,تنخفض ثقته بنفسه يهمل أسرته و منزله ثم يهمل نفسه و أناقته متشائم يرى الأمور من منظار أسود ليس لديه أي أمل بالحياة و يشعر أنه غير جدير بها يفكر بالانتحار و قد يقدم عليهتفكير المريض: هناك بطىء بالتفكير و الكلام قلة تركيز و انتباه مع نسيان و عدم المقدرة على ايجاد الكلمة المناسبة للتعبير عن مشاعره و قد يتوقف عن الكلام و تصل الأمور الى فقدان النطق و الحركة في ان واحد و هذا ما يعرف بالذهول الهمودي و الحالة المعاكسة أن يكون المكتئب في حالة هيجان حركي و نفسي و تأتيه أفكار سوداوية مختلفة ,لا يستطيع الجلوس لفترة قصيرة يفرك يديه و يتمشى ذهابا و ايابا بدو هدفاضطراب النوم: صعوبة في الدخول في مرحلة النوم و ان حدث فيكون سطحيا يستيقظ باكرا من رؤية كوابيس تدور حول الموت و الموتى و قد ينقطع النوم عنده بالكامل و الحالة المعاكسة هي كثرة النوم كما بالاكتئاب الغير نموذجي ,تقل الشهية عند المكتئب و يفقد قدرة التذوق مع نقص بالوزن قد تصل الى 40% من وزنه خلال بضعة أشهر و الحالة المعاكسة هي زيادة الشهية و زيادة الوزن كما بالاكتئاب الموسمي أو الغير نموذجياضطرابات جنسية: تقل الرغبة الجنسية لدى الجنسين و يصعب الاداء الجنسي و قد يصبح هذا العرض هو المسيطر و الهاجس الأكبر لدى الرجل الذي يبكي رجولتهأعراض ذهانية : مثل الهلاوس _الهذيانات فيرى صورا و يسمع أصواتا و يشم روائح لا أساس لها و لا وجود الا في دماغه و كثيرا ما تترافق مع التوهم بالعدمية فيرى صورة جنازته و قبره و يسمع تقزيم الاخرين له و من يدعونه للانتحار و هذه الحالة تدعى الاكتئاب الذهاني في بعض الأحيان تظهر أعراض جسمية كالصداع –الام الصدر و البطن و الظهر التي ليس لها أساس عضوي و قد تحجب الأعراض النفسية للاكتئاب و تؤخر بتشخيصه و هذا يعرف بالاكتئاب المقنع جدير بالذكر أن 75% من المنتحرين يكونون مرضى اكتئاب
هل هناك خصوصية ما للاكتئاب عند مرضى المدارس ؟؟؟؟؟؟]
نعم فالاكتئاب يصيب 2%من الأطفال حتى عمر 12 سنة و 5% في سن المراهقة و قد تشاهد معظم الأعراض سابقة الذكر بالاضافة للأعراض المميزة لهذه المرحلة مثل الصداع –التعب-الالام البطنية -الملل و الاستهتار الدراسي و الضجر-تراجع دراسي و تغيب عن المدرسة-التفكير بالهرب من المنزل و محاولته ذلك -نوبات صراخ و تذمر و بكاء-عدم الاهتمام باللعب مع الأطفال -عزلة اجتماعية-العدوانية-عدم تقبل رفض الطلباتو بما أن الطلاب يتصفون في هذه المرحلة بحساسية زائدة و ليس لديهم امكانية التعبير عن مشاعرهم و المراهقون يتصفون بالمكابرة و رفضهم النصائح فانه من الضروري تمييز الأعراض و كشفها بشكل مبكر قبل أن تؤثر على حياة الطالب و تمنعه من الدراسة التحصيل الجيد مما يتطلب جهدا مشتركا من الأهل و المعلمين و المرشدين النفسيين المنتشرين في معظم المدارس لتوجيه الطلاب و تشجيع الأهل و بسرية تامة للذهاب الى الطبيب المختص و ان تقدم له كافة الأعراض البادرة و الملاحظة عند الطالب
ما هي المعالجة ؟؟؟؟؟؟؟
المعالجة بشكل عام ثلاثة أنواع -العلاج السلوكي المعرفي: و الذي يهدف الى تعديل السلوك و تغيير نمط التفكير المريض و مساعدته في نقد أفكاره و تطوير منطق تفكيره-العلاج الدوائي: و هو في متناول الجميع و بأسعار مقبولة-العلاج بالتخليج الكهربائي(الصدمة الكهربائية): و الذي يطبق فقط للحالات الحادة و المهددة بالانتحار و حالات الذهول الهمودي .

خرج العجوز من ذلك المبنى بعد أن مزق كل أوراق الزهور التي كان قد زرعها في قلوب سكان المنزل مانعا نفسه من أن يأخذ زهرة واحدة تذكره بكل من أحبهم في منزله المهجور و تمكنه من فتح باب المبنى في حال قرر العودة
خرج و سار في شوارع مدينته التي ألفها باحثا كعادته عن شيء مميز يراه و يناقشه في قرارة نفسه ليمنح نتيجة تفكيره لمن كان مهتما بها من أهله و لكنه تذكر أنه منذ قليل أنه تركهم الى غير رجعة فعدل طريقه عله يجد شيء اخر يلهيه عما كان يفكر به فلمح شارعا لم يلحظ وجوده من قبل فانشده به و قرر ان يخوض مغامرة السير به دون سند من أحد فعدل من مشيته الهزيلة و رأسه المطأطأ فنصب قامته و نقل يديه من وراء ظهره الى جنبه و زرع ابتسامة على وجهه و انطلق في مغامرته
لفت نظره الألوان الجميلة التي شاهدها للمرة الأولى في حياته رغم عشقه للألوان و لكنها كانت جديدة كليا فأعجب بها و أحبها و تابع طريقه فلاحظ اتباع أسلوب بناء جديد في تلك الشوارع حتى القطط لم تكن مألوفة فقد بدت جميلة نظيفة تحوي الاف الألوان فلمجمل ما رأى من أشكال الحياة الجديدة شعر بدم جديد يسري في عروقه لقد أحس بدم الشباب الذي افتقده منذ مدة عاد اليه و أحس بطاقة جديدة قادرة على صنع كل شيء تابع طريقه و الفرح يملأ قلبه فشاهد مجموعة من الشبان الجالسين على احدى الطاولات التي كان يعرفها لقد كانت شبيهة بطاولة عائلته في منزله المهجور فقرر أن يجلس معهم و يرى ماذا يفعلون فتقدم منهم و ألقى تحيته المعتادة فنظر له الجميع بازدراء و نظروا اليه و الى ثيابه العادية نظرة لم يدرك معناها فقد كانت جديدة عليه و استأذن منهم أن يجلس معهم و يشاركهم بالحديث فلقد كان خبير بمثل هذه الأحاديث التي كانت تجري على مثل هذه الطاولات فانتصب أحدهم و قال له عليك أن تبدل ثيابك و تستبدلها بهذه و أعطاه ثيابا لم تعجبه أبدا و لم يعتد على ارتدائها و لكنه قرر أن يتنازل عن أحد مبادئه ( من لا يقبلني كما أنا ليذهب الى الجحيم ) في سبيل الاطلاع على ما يدور على تلك الطاولة جلس على تلك الطاولة و قدم له أحدهم ورقة تحوي مجموعة من الأسئلة التي كان يكرهها و يكره الاجابة عليها ما جنسيتك ؟؟؟؟ ما دينك ؟؟؟؟؟ ما طائفتك ؟؟؟؟ ما عشيرتك ؟؟؟؟ ما حزبك ؟؟؟؟ ما رأيك بالدين الفلاني ؟؟؟؟
ثم تابع القراءة أما شروط الحديث فهي
أولا يتحدث الأكثر فينا قدما أولى ثم الذي يليه و هكذا أما اخر الجالسين فيحق له التكلم بجملة لا تتجاوز كلماتها العشرة كل 50 جملة لباقي الأعضاء
ثانيا لا يحق لأي عضو أن يتطاول او يعترض على رأي أحد مهما كانت الأسباب
ثالثا يسمح بالتعرض للطوائف بكافة أشكال الكلام و التجريح و الاهانات
رابعا يحق لزعيم الطاولة أن يطلب من أي عضو من الأعضاء تغير دينه أو معتقداته الفكرية اذا رأى هدفا من ذلك
خامسا يحق لأي عضو من الأعضاء اهانة العضو الأقل منه مرتبة فكرية دون مراعاة المشاعر و القيم الانسانية
سادسا و أخيرا الوطن و الانسان اخر ما يمكن الحديث عنهما على هذه الطاولة المقدسة
نهض شابنا الشيخ و مزق الورقة في ذهول من جميع الجالسين و مزق ثيابه الجديدة و ارتدى ثيابه القديمة التي كانت كل قطعة فيها هدية من احد اخوانه على طاولة الأخوى و عاد راكضا الى مبناه العزيز حاملا في جعبته العديد من الأفكار التي أراد مشاركتها مع أفراد أسرته موقنا أن الحياة نبع لا ينضب من الأفكار التي تحتاج الى من يوجهها و يرشدها الى الطريق السليم في سبيل خدمة الوطن و الانسان فهذا قد كان الشرط الوحيد للانتساب الى طاولته العزيزة و عندما وصل الى باب المبنى تذكر أنه قد مزق كافة الزهور التي كانت معه التي كان يستخدمها لفتح الباب منزله فحزن و اقترب مطرقا ملامسا له و اذا به يفتح كما اعتاد دوما فتذكر تلك الزهرة التي نسي التخلص منها أو التي تناسى أن يتخلص منها حفاظا على حياته .............هي تلك الزهرة التي قرر هو أصدقائه زرعها في قلب كل واحد منهم كذكرى و كعربون شكر لتلك الطاولة التي سوف تتلاحق الأجيال على النيل منها و من أعضائها الأحفاد منهم و الأجداد
أخوية باقية